شرح كتاب النكاح من صحيح البخاري
باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع الباءة فليتزوج
باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج متن_ح>
رسم> وهل يتزوج من لا أرب له في النكاح؟.
قال أبو عبد الله اسم> حدثنا عمر بن حفص اسم> قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الأعمش اسم> قال: حدثني إبراهيم اسم> عن علقمة اسم> قال: كنت مع عبد الله اسم> فلقيه عثمان اسم> بمنى اسم> فقال: يا أبا عبد الرحمن اسم> إن لي إليك حاجة فخلوا. فقال عثمان اسم> هل لك يا أبا عبد الرحمن اسم> في أن أزوجك بكرا تذكرك ما كنت تعلم؟ فلما رأى عبد الله اسم> أن ليس له حاجة إلى هذا أشار إلي فقال: يا علقمة اسم> فانتهيت إليه وهو يقول: أما لئن قلت ذلك لقد قال لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء متن_ح>
رسم> .
هذا حديث ابن مسعود اسم> المشهور فيه.. في هذه القصة ذكر علقمة اسم> أن ابن مسعود اسم> -رضي الله عنه- اجتمع مع عثمان اسم> ويظهر أن ذلك موسم من المواسم، ثم إن عثمان اسم> أراد أن يسر إليه كلاما، ولما رآه ابن مسعود اسم> أن ليس له غرض خاص دعا علقمة اسم> الذي هو تلميذ لابن مسعود اسم> ولما دعاه، يعني لأنه ليس هناك سر سمعه؛ سمع عثمان اسم> يقول: أما ترغب يا أبا عبد الرحمن اسم> أن أزوجك بكرا تذكرك ما مضى من عمرك؟ فعند ذلك استشهد ابن مسعود اسم> بهذا الحديث.
وقد حدث به مرارا ونقله عنه كثيرون من تلاميذه بمثل هذه الرواية، وبزيادة أنه -صلى الله عليه وسلم- خاطبهم وهم في سن الشباب؛ لأن ابن مسعود اسم> توفي سنة اثنين وثلاثين أي بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- باثنتين وعشرين سنة؛ ولعله سمع هذا في حادث دربه؛ أي إما قبل الهجرة، وإما في أول الهجرة، وكان في سن الشباب فقال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- خاطب الشباب، ولعل السبب أنهم أقوى شهوة فى العادة، ومع ذلك فإن شهوة أحدهم قد تحمله على النظر الحرام، أو الوطء الحرام؛ وذلك لضعف الدوافع الإيمانية، لضعف الوازع الإيماني في كثير منهم، وعدم تمكن الإيمان من قلوبهم، وعدم تمكن قوة المخافة واستحضار العقوبة ونحوها؛ فلذلك خاطبهم، وفي ذلك أيضا دليل على أن الإنسان عليه المبادرة في الزواج من حين يتيسر له، إذا تيسر له ذلك وكان معه شهوة وقوة وقدرة على أن يعف نفسه، وأن يعف امرأته، وأن يقوم بحاجتها، وأن ينفق عليها، وما أشبه ذلك.
ذكر العلماء أن الزواج يكون واجبا يعاقب تاركه: إذا كانت له شهوة تحمله على فعل الفاحشة، وعنده قدرة مالية؛ وجب عليه إذا وجد وسائله ووجد الزوجة المناسبة له، عليه أن يتزوج، هذا أولا: أن تكون عنده الشهوة القوية.
الثاني: أن يخاف على نفسه إذا لم يتزوج أن يقع في الحرام.
الثالث: القدرة المالية يعني على المئونة وعلى التكلفة وعلى المهر ونحو ذلك.
وما عبر عنه في هذا الحديث بقوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ذهب بعضهم إلى أنه مستحب، وقالوا: إنه علل في هذا الحديث بقوله في بعض الروايات فى غير هذه الرواية رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ثم إن الكثير في هذه الأزمنة يقدرون ولكن يؤخرون الزواج، لماذا؟ يقول أحدهم: لأواصل دراستي أو حتى أحصل على وظيفة، أو حتى أكوّن نفسي كما يعللون، وكل ذلك من الخطأ؛ فإذا تزوج فإن الله تعالى يعينه، في حديث الثلاثة الذين قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
كذلك أيضا بالنسبة إلى النساء، الكثير منهن تمتنع من الزواج حتى تواصل دراستها في الجامعة، وربما إذا انتهت من دراستها، قال وليها: إننا قد تعبنا عليها فلا بد أننا نوظفها؛ حتى نأخذ من كسبها، فإذا زوجناها كان الزوج هو الذي ينتفع بمرتبها وبدخلها، وربما يعوقها عن التزويج؛ فتبلغ العشرين وربما زادت عليها إلى الثلاثين، وهي معطلة، فتذهب زهرة حياتها ويذهب مستقبل عمرها.
ولا شك أن هذا خطأ منها؛ أولا لما امتنعت، وخطأ أيضا من وليها، حيث منعها لأجل أن يستغل منفعتها، لا شك أن هذا من الإثم، من خاطئ القول.
نقول: ذكرنا أن العلماء قسموا حكم النكاح إلى أربعة أقسام :
القسم الأول: يلزمهم ويجب عليهم إذا تمت الشروط.
والقسم الثاني: يستحب لهم وهم الذين معهم شهوة ومقدرة يأمنون على هذه الشهوة من الوقوع في الحرام، ولكن معهم جنس شهوة.
والقسم الثالث: الذين ليس معهم شهوة ولكن يقدر أحدهم أن يعف امرأته.
والقسم الرابع: الذين ليس معهم شهوة ويخاف أحدهم أنه لا يعف امرأته، ولا يقدر على مئونتها وحاجاتها، فهذا يكره في حقه.
فيكون واجبا ومستحبا ومباحا ومكروها.
ثم قوله -صلى الله عليه وسلم- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
والأدلة على وجوب غض البصر كثيرة ، فعلى هذا ذكر فائدتها، ثم أرشد بقوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
نرشد كثيرا من الشباب في هذه الأزمنة إلى الصيام فيقول: إنني أسرد الصيام، ومع ذلك ما وجدت له تأثيرا فى تخفيف الشهوة، نقول: السبب عدم التأثير؛ وذلك لأنه لا يحصل هناك جوع، يأكل طوال ليله وينام نهاره ولا يشتغل، ولا يحس بتعب وينام عند المكيفات والمراوح الكهربائية، ويقطع نهاره في نوم وفي راحة، فمثل هذا لا يحس بظمأ، ولا يحس بجوع ولا يحس بتعب؛ فيقل تأثير الصيام في تخفيف الشهوة، هذا هو السبب في أنه لا يخفف الشهوة في كثير من الشباب في هذه الأزمنة، حيث إنهم يعدلون إلى الاستمناء، العادة السرية، فيقولون: إننا لم نتأثر ونخشى على أنفسنا.
وبكل حال فإننا نرشد إلى التعفف بالنكاح الحلال الذي أباحه الله تعالى، والذي حث عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وحث عليه القرآن الكريم في هذه الآيات، وكذلك أيضا إذا لم يجد فإن عليه أن يشتغل وأن يحترف ويعمل مع الصيام؛ حتى تنكسر شدة الشهوة بالجوع وبالظمأ وبالتعب؛ فذلك هو الذى أخبر بأنه له وجاء.
الوجاء: هو رد عنق الخصيتين فإنه يقطع الشهوة أو يخففها، يقال: في الكبشين اللذين ضحى بهما النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهما موجوءين، كانوا إذا أرادوا أنهم لا ينزو على الإناث أخذوا حجرا فضربوا، دقوا به عروق أنثييه؛ حتى لا يبقى له شهوة، هناك الخصاء الذي هو قطع خصيتي الفحل من الضأن ونحوه.
وهناك أيضا الوجاء الذي هو رد عروق الخصيتين حتى لا ينزو على النعاج، فيقال: موجوء أو خصي، فأخبر بأنه يخفف حدة الشهوة كما أن الوجاء يكسر حدة الشهوة.
مسألة>